عبقري الكيمياء: جابر بن حيان
ولد "جابر بن حيان" في العام الثاني بعد المائة الأولى للهجرة 102 هـ، العشرين بعد السبعمائة للميلاد 720 م.
وكان مولده قي قرية "طوس" التابعة لمدينة "مشهد" الّتي هاجر إليها والده من الشام بعد احتدام الفتن السياسية وتقلّب الأحوال الاقتصادية، وكان والده "حيان بن عبد الله" العطار يعمل في العطارة، وعندما انتقل "حيان" إلى مدينة "طوس" افتتح لنفسه دكانا للعطارة، وبعد أشهر قليلة جاء "جابر بن حيان" إلى الحياة.
نشأ "جابر بن حيان" في مدينة "طوس" وهو يساعد والده في دكان العطارة، وكان "جابر" يختلف عن سائر إخوته، فكان يميل إلى العزلة والتأمل، ويمتاز بالهدوء والسكينة والفطنة والذكاء، وكانت مظاهر الطبيعة تلفت نظره وتجذب انتباهه فيستغرق في التفكير فيها، وتتملّكه الرغبة في معرفة أسباب الظواهر الطبيعية، وكيفية حدوثها، لذلك كثيرا ما سأل "جابر" والده عن تلك الظواهر وأسبابها، وكان والده يجيبه بما يعرفه خاصة عن عالم النباتات والزهور والأعشاب وكيفيّة زراعتها وتكوينها ونشأتها وفوائدها ومضارها، كما كان يحدّثه عن المعادن والأحجار وخواصها وصفاتها، وكان "جابر" يستمع إلى والده وهو يفكّر في الكيفية الّتي تكوّنت بها هذه المعادن، وعندما سأل والده لماذا تنشأ المعادن على صورتها الّتي هي عليها، ولا تنشأ على صور أخرى؟ لمس والده فيه عقلا متميزا عن سائر أقرانه، وتنبّأ له بأنه سيكون في المستقبل من نوابغ العلماء.
ولذلك حرص "حيان" على تعليم ابنه كل ما يتًّصل بعلم العطارة والنباتات والأعشاب والدواء وصناعته، وعرّج به على صناعة الكيمياء، وعلّمه كل معارف الفلاسفة القدماء. فأصبح لدى الفتى اليافع النابغة زخيرة كبيرة من المعارف الطبية والفلسفية والطبيعية والكيميائية وهو لم يزل بعد في سن الصّبا.
ولقد كان الفلاسفة قبل ذلك يحلمون بتحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة، وأن يستخرجوا الذهب من النحاس عن طريق الكيمياء، ولكن "حيان" حذر ابنه من الاعتقاد في هذا الوهم، ومضى في تعليمه في اتجاهات أخرى، هكذا أعدّ "حيان" ابنه منذ البداية ليكون في زمرة العلماء.
ولكن "حيان" لم يعش كثيرا، إذ لم يلبث أن استشهد في الحروب، وحزن "جابر" لوفاة والده حزنا شديدا، لكنه تذكر وصيّته له بأن يبذل كل جهده لكي يصبح في زمرة العلماء، ولهذا السبب انكب "جابر بن حيان" على الدراسة والقراءة، ودراسة علوم الطبيعيات والرياضيات.
وفي العام الثاني والثلاثين بعد المائة الأولى للهجرة 132 هـ، كان "جابر" قد بلغ من العمر ثلاثين سنة، وكانت الحرب قد انتهت، وبانتهاء الحرب غربت شمس الدولة الأموية، وأشرقت شمس الدولة العباسية، وتولى الحكم الخليفة العباسي الأول "أبو العباس" وانتقلت عاصمة الخلافة من دمشق إلى الأنبار بالكوفة في العراق، حيث يعيش "جابر بن حيان" على مقربة من العاصمة في "طوس".
لكن لم يلبث "جابر" بعد قليل أن فكّر في الانتقال بأهله إلى الكوفة ذاتها، حتى يتوسّع في طلب العلم، وبالفعل انتقل "جابر" بأسرته إلى الكوفة ونزلوا جميعا في "درب الذهب" بالكوفة، وسكنوا أحد المنازل الكبيرة بشارع "باب الشام".
وبعد سنوات قليلة في الكوفة، كان الخليفة العباسي الأول "أبو العباس" قد مات وتولى الحكم بعده "أبو جعفر المنصور"، وفي هذه الفترة التقى "جابر بن حيان" بالإمام الفقيه "جعفر الصادق" وتوطّدت العلاقة بينهما، كما كانت متوطّدة من قبل بين الإمام وبين والد "جابر"، وكان الإمام فقيها لكنّه أيضا على دراية عظيمة بعلم الكيمياء والحفر، وعن طريق الإمام "جعفر الصادق" حصل "جابر بن حيان" على نسخة من كتاب "القراطيس" وهو من كتب الكيمياء اليونانية الّتي ترجمها "خالد إبن يزيد الأموي" بمعرفة "مريانوس" الراهب.
إنجازات عبقري الكيمياء
ترك "جابر بن حيان" العشرات من الكتب والمؤلفات الكيميائية الكبيرة والصغيرة، وقد تنوّعت أعماله هذه، وتعدّدت حتى بلغ عدد أهمها أربعة وخمسين كتابا، منها:
الرياض الأكبر، الراهب، المقالات الكبرى في علم الصنعة، الميزان، الإتقان، صندوق الحكمة، رسالة الأقران، البحث، الخالص، الاستتمام، الأسرار، الحدود، الحيوان، الخواص الكبير، الرحمة، الأصول، التجميع، الإيضاح، التكليس، التجريد، التركيب، الحاصل، الزئبق، الذهب، التصريف، التدابير، الاستيفاء، الكامل، الأحجار على رأي بيناس، المعرفة بالصنعة الإلهية والحكمة الفلسفية، الأرض، الوصيّة.
وقد ترجمت أغلب هذه الكتب والمؤلفات إلى اللغة اللاتينية، واهتمت بها أوروبا اهتماما عظيما، فنالت هذه المؤلفات الكثير من الشهرة، وكان لها أبلغ الأثر في إحياء علوم الكيمياء في الغرب في العصور الوسطى.
وقد نقلت كتب "جابر بن حيان" بعد ذلك عن اللاتينية إلى سائر اللغات الأوروبية الأخرى، لتصبح بعد ذلك أساسا لعلم الكيمياء في الغرب حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وقد درست الجامعات الغربية أعمال "جابر بن حيان" ونشرت الجمعيات والجامعات والهيئات العلمية المختلفة أعماله المترجمة بمختلف اللغات.
كما صدرت في أوروبا عشرات الكتب والمؤلفات عن "جابر بن حيان": حياته وأعماله، ومكانته العلمية، ومجموعات رسائله، وعلى سبيل المثال يقول "هوليارد" في كتابه "الكيمياء إلى عصر دالتون": "إن مؤلفات جابر المترجمة إلى اللغة اللاتينية، كانت عاملا قويا في إحياء الكيمياء في أوروبا، ولم يحدث أن حظيت كتب بالشهرة والذيوع في العصور الوسطى مثلما حظيت به كتب جابر" وهناك الكثير من الكتب أو الفصول الّتي كتبت ونشرت عن "جابر بن حيان" كتبها: كاردان فو، وهوليمارد، وجورج سارتون، وديلاس أوليري، وبرتلو، وبول كراوس. وتشهد هذه الكتابات جميعا بعبقريّة "جابر بن حيان" الفذّة، ومكانته العلمية
العظيمة في تاريخ العلم وفضله ودوره وتأثيره في تقدّم علم الكيمياء.
ولد "جابر بن حيان" في العام الثاني بعد المائة الأولى للهجرة 102 هـ، العشرين بعد السبعمائة للميلاد 720 م.
وكان مولده قي قرية "طوس" التابعة لمدينة "مشهد" الّتي هاجر إليها والده من الشام بعد احتدام الفتن السياسية وتقلّب الأحوال الاقتصادية، وكان والده "حيان بن عبد الله" العطار يعمل في العطارة، وعندما انتقل "حيان" إلى مدينة "طوس" افتتح لنفسه دكانا للعطارة، وبعد أشهر قليلة جاء "جابر بن حيان" إلى الحياة.
نشأ "جابر بن حيان" في مدينة "طوس" وهو يساعد والده في دكان العطارة، وكان "جابر" يختلف عن سائر إخوته، فكان يميل إلى العزلة والتأمل، ويمتاز بالهدوء والسكينة والفطنة والذكاء، وكانت مظاهر الطبيعة تلفت نظره وتجذب انتباهه فيستغرق في التفكير فيها، وتتملّكه الرغبة في معرفة أسباب الظواهر الطبيعية، وكيفية حدوثها، لذلك كثيرا ما سأل "جابر" والده عن تلك الظواهر وأسبابها، وكان والده يجيبه بما يعرفه خاصة عن عالم النباتات والزهور والأعشاب وكيفيّة زراعتها وتكوينها ونشأتها وفوائدها ومضارها، كما كان يحدّثه عن المعادن والأحجار وخواصها وصفاتها، وكان "جابر" يستمع إلى والده وهو يفكّر في الكيفية الّتي تكوّنت بها هذه المعادن، وعندما سأل والده لماذا تنشأ المعادن على صورتها الّتي هي عليها، ولا تنشأ على صور أخرى؟ لمس والده فيه عقلا متميزا عن سائر أقرانه، وتنبّأ له بأنه سيكون في المستقبل من نوابغ العلماء.
ولذلك حرص "حيان" على تعليم ابنه كل ما يتًّصل بعلم العطارة والنباتات والأعشاب والدواء وصناعته، وعرّج به على صناعة الكيمياء، وعلّمه كل معارف الفلاسفة القدماء. فأصبح لدى الفتى اليافع النابغة زخيرة كبيرة من المعارف الطبية والفلسفية والطبيعية والكيميائية وهو لم يزل بعد في سن الصّبا.
ولقد كان الفلاسفة قبل ذلك يحلمون بتحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة، وأن يستخرجوا الذهب من النحاس عن طريق الكيمياء، ولكن "حيان" حذر ابنه من الاعتقاد في هذا الوهم، ومضى في تعليمه في اتجاهات أخرى، هكذا أعدّ "حيان" ابنه منذ البداية ليكون في زمرة العلماء.
ولكن "حيان" لم يعش كثيرا، إذ لم يلبث أن استشهد في الحروب، وحزن "جابر" لوفاة والده حزنا شديدا، لكنه تذكر وصيّته له بأن يبذل كل جهده لكي يصبح في زمرة العلماء، ولهذا السبب انكب "جابر بن حيان" على الدراسة والقراءة، ودراسة علوم الطبيعيات والرياضيات.
وفي العام الثاني والثلاثين بعد المائة الأولى للهجرة 132 هـ، كان "جابر" قد بلغ من العمر ثلاثين سنة، وكانت الحرب قد انتهت، وبانتهاء الحرب غربت شمس الدولة الأموية، وأشرقت شمس الدولة العباسية، وتولى الحكم الخليفة العباسي الأول "أبو العباس" وانتقلت عاصمة الخلافة من دمشق إلى الأنبار بالكوفة في العراق، حيث يعيش "جابر بن حيان" على مقربة من العاصمة في "طوس".
لكن لم يلبث "جابر" بعد قليل أن فكّر في الانتقال بأهله إلى الكوفة ذاتها، حتى يتوسّع في طلب العلم، وبالفعل انتقل "جابر" بأسرته إلى الكوفة ونزلوا جميعا في "درب الذهب" بالكوفة، وسكنوا أحد المنازل الكبيرة بشارع "باب الشام".
وبعد سنوات قليلة في الكوفة، كان الخليفة العباسي الأول "أبو العباس" قد مات وتولى الحكم بعده "أبو جعفر المنصور"، وفي هذه الفترة التقى "جابر بن حيان" بالإمام الفقيه "جعفر الصادق" وتوطّدت العلاقة بينهما، كما كانت متوطّدة من قبل بين الإمام وبين والد "جابر"، وكان الإمام فقيها لكنّه أيضا على دراية عظيمة بعلم الكيمياء والحفر، وعن طريق الإمام "جعفر الصادق" حصل "جابر بن حيان" على نسخة من كتاب "القراطيس" وهو من كتب الكيمياء اليونانية الّتي ترجمها "خالد إبن يزيد الأموي" بمعرفة "مريانوس" الراهب.
إنجازات عبقري الكيمياء
ترك "جابر بن حيان" العشرات من الكتب والمؤلفات الكيميائية الكبيرة والصغيرة، وقد تنوّعت أعماله هذه، وتعدّدت حتى بلغ عدد أهمها أربعة وخمسين كتابا، منها:
الرياض الأكبر، الراهب، المقالات الكبرى في علم الصنعة، الميزان، الإتقان، صندوق الحكمة، رسالة الأقران، البحث، الخالص، الاستتمام، الأسرار، الحدود، الحيوان، الخواص الكبير، الرحمة، الأصول، التجميع، الإيضاح، التكليس، التجريد، التركيب، الحاصل، الزئبق، الذهب، التصريف، التدابير، الاستيفاء، الكامل، الأحجار على رأي بيناس، المعرفة بالصنعة الإلهية والحكمة الفلسفية، الأرض، الوصيّة.
وقد ترجمت أغلب هذه الكتب والمؤلفات إلى اللغة اللاتينية، واهتمت بها أوروبا اهتماما عظيما، فنالت هذه المؤلفات الكثير من الشهرة، وكان لها أبلغ الأثر في إحياء علوم الكيمياء في الغرب في العصور الوسطى.
وقد نقلت كتب "جابر بن حيان" بعد ذلك عن اللاتينية إلى سائر اللغات الأوروبية الأخرى، لتصبح بعد ذلك أساسا لعلم الكيمياء في الغرب حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وقد درست الجامعات الغربية أعمال "جابر بن حيان" ونشرت الجمعيات والجامعات والهيئات العلمية المختلفة أعماله المترجمة بمختلف اللغات.
كما صدرت في أوروبا عشرات الكتب والمؤلفات عن "جابر بن حيان": حياته وأعماله، ومكانته العلمية، ومجموعات رسائله، وعلى سبيل المثال يقول "هوليارد" في كتابه "الكيمياء إلى عصر دالتون": "إن مؤلفات جابر المترجمة إلى اللغة اللاتينية، كانت عاملا قويا في إحياء الكيمياء في أوروبا، ولم يحدث أن حظيت كتب بالشهرة والذيوع في العصور الوسطى مثلما حظيت به كتب جابر" وهناك الكثير من الكتب أو الفصول الّتي كتبت ونشرت عن "جابر بن حيان" كتبها: كاردان فو، وهوليمارد، وجورج سارتون، وديلاس أوليري، وبرتلو، وبول كراوس. وتشهد هذه الكتابات جميعا بعبقريّة "جابر بن حيان" الفذّة، ومكانته العلمية
العظيمة في تاريخ العلم وفضله ودوره وتأثيره في تقدّم علم الكيمياء.